تأليف : محمد السويسي
الدولة المارقة هي التي تخضع لنظام شمولي ديكتاتوري تعطل فيه القوانين والقضاء والدستور والحريات الشخصية والعامة وتعتمد على القوة والبطش والقتل في بسط نفوذها على المواطنين وإرهابهم من خلال عصابات أمنية متعددة تتبع للحاكم مباشرة بحيث تمارس أعمال الإعتقال والقتل بدون أي محاسبة أو رقابة عند أي كلمة نقد للنظام ولو كان إيجاياً ، كأن يشتكي مواطن من إرتفاع أسعار الخبز أو الضرائب أو المحروقات ، إن في صحيفة ما أو في حديث بين أقرانه في مكان عام أو مقهى.
وتغطي أعمال هذه الدول الخارجة عن القانون المؤسسات الأمنية في تمجيد الحاكم وتأليهه إذ تعتبره مصدر السلطات والوحي والعبقرية والإلهام نظراً لتفكيرها الإنتهازي في التسلط على الناس ، فيصبح أسيراً لهذه الأجهزة المجرمة وقد استبد به الغرور وسهلت له أمر نهب الأموال العامة والخاصة بشكل متواصل لتغطي نهبها وسرقاتها وإساءاتها للمواطنين .
لذا فإن هذه الأنظمة مع غياب العدالة والقانون تضحى أشبه بعصابات تتوسل الإثراء كيفما كان مع فرض الهيبة والخوف الدائم والرعب بتغطية إعلامية مخادعة تدعى العدالة والنضال والحرية ، يسوقها حشد كبير وضخم من المـأجورين تبث أكاذبيها بين العامة من المتعلمين والمعقدين وعديمي الثقافة والأخلاق والقيم ، من الإنتهازيين المتسلقين والمستفيدين والأزلام وفاقدي الشخصية الذين يبحثون عن منبر إعلامي يبرزون فيه ولو لمرة واحدة في حياتهم ولو بين عشرة أشخاص .
ورغم ذلك فلا مكان للقيم في الدولة المارقة إذ لاتفرق بين الوطنية والخيانة ولاتجد حرجاً في العمالة والتبعية للدول الكبرى من أجل الإحتفاظ بسلطتها القمعية ونهب موارد الشعب والدولة .
وتعتبر الدولة المارقة خارجة عن القانون الدولي لاتعترف بأي قيم أو أخلاق وتسخر اموال شعبها الفقير والمعدم من أجل بناء إمبراطورية وهمية للهيمنة على العالم على ضعفها وقلة حيلتها وتدبيرها .
وهذا السلوك اللاأخلاقي واللاديني الخارج عن العقل والمنطق من حاكم الدولة لابد وأن يكون صاحبه مختلاً أو به شىء من الجنون أو الإنفصام ، لأن علاقات الدول تقوم على تبادل المنفعة من أجل مصالح شعوبها وفق قواعد عالمية معترف بها ، وقد وصلت الى السلطة والحكم لحماية شعبها لالقتله والتسلط على مقدراته ونهبه .
أما أن تجعل الدولة المارقة من نظام الحكم خروجاً على التقاليد والأعراف والإعتداء على مواطنيها وجيرانها والدول الأخرى مع نشر الإرهاب والتقاتل وبث الفتنة بإنفاق الأموال الباهظة على حساب نهوض شعبها فإن هذا التصرف يثبت جنون الحاكم ، لأن تبادل المنفعة يقتضي إحترام كل دولة لحدود الدول الأخرى وإقامة العلاقات معها على اسس القانون الدولي القائم على الإحترام وحسن العلاقة والجوار .
أما أن تكون العلاقة بالتهديد والتهويل واحتلال أراضي الآخرين ، خاصة إذا كانت دولة ضعيفة ومتخلفة - وإن كانت تتظاهر بغير ذلك نظراً لجنون حكامها وقصور فهمهم - فإن مصيرها ينتهي بنهاية مأساوية كارثية على غيرمايتوقع حاكمها كما في حالة الربيع العربي .
إذ إن مقياس قوة الدول هو بقوة إقتصادها ونقدها الوطني لابأعمالها الإرهابية وقتل شعبها وشعوب الدول الآخرى وتهديد جيرانها .